وتحتفل القضبان

 تنظر لعقارب ساعتها بحسرة، يوم جديد كانت تنتظره فاطمة بفارغ الصبر، تتمنى أن لا تقترب الساعة منه اليوم.

الذكريات وحدها من تتزاحم، والآهات تحرق قلبها المكلوم على ولدها محمد، ولا أحد يخفف من آلامها المحشورة بين حيطان أربعة.

لاتفكر الأم في حالها، وإن أهلك الهم جسدها الستيني، فولدها محمد ذو الثلاثين عاماً يقبع في سجون الحوثيين منذ تسعة أشهر، وغداً هو أول عيد تغيب هداياه عنها، كما تختفي قبلاته.

تفتش فاطمة في حاجيات أسرتها المشتركة، علها تجد شيءً ينسيها مرارة اللحظة، وبؤس الإنتظار، وبالصدفة تقع عيناها على صورة، تعيد شريط ذاكرتها عاماً كاملاً لموقف يشابه اللحظة المرتقبة "عيد الأم".

في ذلك اليوم الذي تتشابه طقوسه مع كل ذكرى كانت تمر في الواحد والعشرين من مارس، يتوافد أبنائها "هشام، لمياء، محمد، سناء" وكلاً يعيش في منزل مستقل مع اسرته، يلتم شمل العائلة لتكريم والدتهم، لتحتفي بعودتهم كما يحتفلون بها.

مع إشراقة صباح عيد الأم تخرج فاطمة مع أمهات وأسر المختطفين في وقفة إحتجاجية أمام مكتب الأمم المتحدة في صنعاء للتنديد باستمرار اختطاف أبنائهن، وتختتم وقفتهن أمام أحد السجون الممكتضة بهم أو من يعتقدن وجودهم فيها.

على رصيف الشارع المواجه لبوابة السجن تتراص أمهات المختطفين والمخفيين، يناظرن بوابةً تفتح أملاً ، لكن من يخرج هو من يعتدي عليهن، ويمنعهن حتى من الإقتراب.

عادت فاطمة الى منزلها.. قليلاً حتى بدأت الأمطار تغسل شوارع المدينة، وخيوط الشمس تنسحب بهدوء، ويتسلل الظلام.

 

قصة قصيرة